الكلمات في القرآن
الكلمة : اشتقاق الكلمة من الكلم، وهو الجرح لأن تأثير الحروف في مخارجها وفي السمع كتأثير الجرح فى المجروح، وإن كانت آثارها أخفى. والكلام عند أهل اللغة : يقع على المفيد ، وغير المفيد . والكلمة تقع على القليل والكثير ويدل على ذلك قولهم : قال فلان في كلمته . يريدون في قصيدته ، أو رسالته ، أو خطبته . وذكر بعض المفسرين أن الكلمات في القرآن على ثمانية أوجه : أحدها : الأوامر ونواهي: وهو معنى قوله تعالى في البقرة : { وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ } أن الله ابتلاه وامتحنه بكلمات، أي: بأوامر ونواهي، كما هي عادة الله في ابتلائه لعباده . ومعناه أمره إياه وابتلاؤه بها ، تكليفه إياه طاعته فيها؛ سمي التكليف ابتلاء على مقتضى العرف. والثاني : كلمات الاستغفار : وهي الكلمات التي تلقاها آدم في قوله تعالى في البقرة {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} لم يبين هنا ما هذه الكلمات ، ولكنه بينها في سورة الأعراف بقوله : { قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخاسرين } والثالث : القرآن . ومنه قوله تعالى في الأعراف: { النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ } والرابع : علم الله وعجائب صنعه . ومنه قوله تعالى في الكهف : { قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا } والخامس : الدين . ومنه قوله تعالى في الأنعام " : { وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } والسادس : لا إله إلا الله . ومنه قوله تعالى في سورة آل عمران {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا } يعني لا إله إلا الله والسابع : كلمة الله تعالى عيسى ابن مريم ومنه قوله تعالى في سورة آل عمران { مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ } وكقوله تعالى في سورة النساء { إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ } مثلها قوله تعالى في سورة آل عمران { إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ } يعني عيسى عليه لسلام، سمي عيسى كلمة الله لأن الله تعالى قال له: كن من غير أب فكان، فوقع عليه اسم الكلمة لأنه بها كان. فيجوز أن تكون الكلمة هنا من قوله: "كُنْ فَيَكونُ". الثامن : الخبر، قال اللَّه: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ} أي: لولا الخبر السابق بأن الاستئصال لا ينزل بهذه الأمة لأنزلته بها. فإشارة إلى ما سبق من حكمه الذي اقتضاه حكمته، وأنه لا تبديل لكلماته.